في متاهات حزن وألم
وبين أشجار العلقم المرة
وفي خريف تساقطت فيه الأوراق المثمرة
يغيب سنا الشمس ويرحل متواريا عن الأبصار
ليعلن عن سواد ليل بهيم طويل
تتجدد معه وتمتد على طوله آلامي وأحلامي
أجلس تحت تلك الشجرة وتنحني رقبتي النحيلة
فتنهمر عبراتي البريئة المكلومة المظلومة
لم يكن هدفي من زيارة هذه الغابة صباح اليوم هو التنزه والتسلي
ولم يكن سبب اختياري تحديدا لهذه الشجرة هو الاستظلال بظلها في النهار
وقطف ثمارها في الليل
بل كنت أبحث عن التخفي عن عيون البشر الذين أكرههم جدا جدا!!
هنا تحت شجرة الخريف ألتقط بعض الأوراق المتساقطة التي خالطتها دموع القهر
وأجد في كل ورقة منها ذكرى مؤرقة من أحزان الطفولة وأشجان المراهقة
فتشعل تلك الذكريات حنينا إلى البؤس القاتم الذي يزداد ويتجدد
والأحلام المستحيلة التي تبتعد وتتبدد!!
أعترف بأني في أيام طفولتي كنت من أشقى أطفال العالم
لم يكن السبب مقتصرا على فقد أب يعتني بي
وأم تملأ طفولتي حنانا ودلالا
ولم يكن سبب بكائي
ماكنت أراه في أعين بقية الأطفال من سعادة وحبور وهم يقدمون إلى المدرسة مع آبائهم
ويطعمون من أيدي أمهاتهم فينامون قريري الأعين!!
كل هذا لم يكن ليتسبب في شقائي بقدر ماكان السبب الرئيس يتمحور في غفلة الناس عني
وعن غيري من الأيتام
الذين تيتموا أولا بفقد آبائهم وأمهاتهم أو خطايا الصبا المنسلخة عن معاني البشرية والرحمة
ثم زاد يتمهم عندما أحسوا بالرفض والاحتقار والازدراء من أغلب من حولهم
فكنت أراهم وحوشا في أجساد بشر
قلوبهم كالحجارة وأعينهم لم تدمع من أجلي ولم تشعر بي
فهي منغمسة في ماديات الحياة يلهثون خلف شهواتهم وملذاتهم
فغاب عن مجتمعنا مغهوم الجسد الواحد
وتردت شيم الكرماء ومكارم التكامل الإجتماعي
كتبت رسالتي هذه على ورقة من أوراق الخريف المتساقطة على الأرض الكالحة
لعلي أعود إليها في الخريف القادم بوجه مبتسم ونظرة متفائلة
فهل أنتم قادرون على صنع البسمة في وجوهنا!!
التوقيع: بسام من دار الأيتام
اترككم مع نشيدين مميزين عن الأيتام
الأول: دمعتي اليتيمة للمنشد عبدالمجيد الفوزان
الثاني: هذه نجواي للمنشد سمير البشيري