اتجهت الى شارع تجاري وسط البلد, وجدت في بداية الشارع مجمعا للاتصالات, دخلت المجمع فرأيت رجلا متقاعدا معه جوال جديد أتى ليستبدله بجوال قديم بفارق خمسمائة ريال, أتى ليبيعه ويشتري جوالا قديما, فسألته عن السبب فرد بالعامية(الأسعار نار في نار وأنا بحاجة للمبلغ بعد نكسة الأسهم), ثم لفت انتباهي (ولد) في الثانية عشر من عمره ليشتري جوال ب(2000)ريال الذي باعه المتقاعد لتوه!!
خرجت من المحل واتجهت إلى تموينات مجاورة, فوجدت طفلا حافي القدمين يمسك بقوة بثلاث ريالات ليشتري غرضا لأهله ليفاجيء بارتفاع الأسعار حتى في أبسط الأغراض المنزلية, حيث تغير سعر السلعة الى خمس ريالات, أعطيته ريالين, وكتبت في ورقة صغيرة(طفلكم أمانة فلاتضيعوها), وأعطيتها الولد ليقرأها أهله!!
اشتريت حلوى من التموينات لأنسى مرارة مالقيت!!
ثم أكملت رحلتي متجها الى مقهى انترنت , دخلت ووجدت عشرين كرسيا, يجلس عليها ستة شرق اسيويين لمحادثهم أهلهم عبر أدوات المحادثة الأقل تكلفة من الهاتف, وأربع أشخاص يبحثون عن مواضيع علمية ومنتديات عامة, وعشرة قدموا لتحميل الأفلام وأحدث الأغاني , فاليوم عطلة ومن حقهم فضاؤهم كما يشاؤون
زعموا!!
انتهت الساعة سريعا, وخرجت جائعا لمطعم مجاور فطلبت العشاء وطال انتظاري, وخلال الانتظار لفت انتباهي واسترعى فضولي عامل في طرف المحل يعمل وينظر الى الأرض مذهولا, فسألت زملاءه فأخبروني عن ظروف أهله فهو يكافح من أجل علاج والدته المريضة ونفقة معيشة ودراسة أبنائه الثلاثة!!
الحمد لله كان العشاء لذيذا, معجنات لذيذة وشاي بالنعناع يروقني جدا, أشعر بالرغبة في مواصلة الرحلة, خلف المطعم صيدلية كبيرة يخرج منها شاب سعودي وسائق فلبيني السعودي اشترى كريمات لترطيب الوجه, والفلبيني اشترى لطفلة كفيلة المصابة بمرض مزمن, شفا الله الجميع!!
اتجهت الى حلاق مجاور فوجدت شابين على كرسي الحلاق, انتظرت 40دقيقة كي ينتهي الاثنان في توقيت متقارب, ضحك الحلاق بعد أن تبسطت معه في الحديث فسألته عن السبب,
قال : الاثنان يحلقان نفس الحلاقة أحدهما سيتزوج الليلة, والاخر سيتجه لزملائه في الاستراحة في اطار الروتين اليومي,
خرجت من الحلاق عند طرف الشارع واقتربت من الشارع لأشير الى أقرب سيارة أجرة, فاصطدم بي عامل يسرع بدراجة فسقطت على الأرض ونهضت مرعوبا لأرى أمي تقول بالعامية(بسم الله عليك ياولدي)
ترى هل مارأيته مجرد حلم أم أنه علم وواقع نعيشه !!